يفوتك من الكذاب صدق كثير

محمد العثمان
جريدة البلاد 16 مايو 2011

يروي الأستاذ أحمد الغريب حكمةً تقول: يفوتك من الكذاب صدق كثير. وهي تعبّر عن حال واقعنا المعاش.
يفقد الإنسان صدقيته لما يكذب مرة، ولدينا في البحرين يكذب البعض مرات ومرات، ومع ذلك يُصر إصراراً على صدقه!!
والحال كذلك، فإن مواجهة الكذابين لا تكتمل إلا بفضح كذبهم وزيف أباطيلهم. تارة تلميحاً، وأخرى، إن استمرأوا الكذب، صار التصريح أبلغ من التلميح في مواجهتهم.
حينما أخطأت الدولة في بعض التقديرات أو الهنات، ارتفع صوتنا في المطالبة بتصحيح الأوضاع، وشهادة للتاريخ ان الدولة كانت تتلقى الانتقادات والملاحظات بصدر رحب. بل لغاية اليوم يكذب الكذاب عليها، وهو يعلم ان الجميع يعلم، بما فيهم الدولة، انه كاذب، ومع ذلك، لا يضايقه أحد أو يدنو منه أحد! حتى في أبلغ الصور قتامة كان يترك ليصول ويجول بالكذب على الدولة والناس والعالم أجمع!
قد تكون للدولة تقديراتها الخاصة في تركه يملأ الدنيا كذباً وزيفاً، وهو “ذابح نفسه” لكي يدخل المعتقل ليكون بطلاً متوجاً لدى اتباعه ومريديه من أصحاب مدرسة الكذب؛ بشتى تصنيفاتها الطائفية واليسارية القروية والليبرالية الالتحاقية.
وسؤال العجب والتعجب: هل يصدقه قومه لكي يصدقه الآخرون؟! لاشك أن من يكذب مرة يسقط القناع من على وجهه، وإن كان الحياء نقطة فقد سقطت من وجه الكذاب أكثر من نقطة، بل هو نهر الكذب الذي لا ينضب! ومع ذلك، هناك من لا يريدنا أن نتحدث عن كذب هذا الحقوقي أو دجل ذاك السياسي أو تحريف وتزييف تابعهم الإعلامي!!
سنكتب عنهم مادام الكذب ديدنهم وعبادتهم، لنكشف هذا الكذب بالصوت والصورة والكلمة الحرة الصادقة. أمام المجتمع والمنظمات الحقوقية الدولية (الأهلية والرسمية)، وهذه مسؤولية ضمن مسؤوليات السياسي الشريف والحقوقي المنصف والإعلامي المهني، أن يفضح الكذب والتزوير والفذلكات والإضرار بالوحدة الوطنية والمصالح القومية للدولة.
ليس مهمة السياسي والحقوقي والإعلامي أن ينتقد الحكومات وحدها، بل الإنصاف والمهنية يتطلبان، أحياناً، كشف نقد المنظمات الحقوقية أو الأشخاص الحقوقيين والإعلاميين، الذين يتوجب عليهم الالتزام بالصدق والحياد والاستقلالية وفقاً لمبادئ وقيم منظومة حقوق الإنسان ومواثيق الشرف الإعلامي.
لا يعني اننا ننتقد الناشطين الأهليين إننا ضد حقوق الإنسان ومع انتهاكها، إنما التفريط في الالتزام بها من أي طرف سياسي (حكومة، معارضة أو ناشطون أهليون) يتوجب النقد وكشف وبيان التجاوزات. هكذا تعلمنا في مدرسة الاستقلالية والنزاهة والحياد والصدق والصدقية.