الفتنة والتوظيف السياسي
بقلم: محمد العثمان
صحيفة البلاد الأحد 19 ديسمبر 2010
الصراع السياسي والتاريخي بين رجال الحكم والسياسة من جهة والعلماء من جهة أخرى، وتسخير وتسعير الصراع الديني/ المذهبي بين السنة والشيعة خدمة لهذا الطرف أو ذاك الاتجاه؛ أوجد حالة من التجاذبات التي في غالبيتها ليس لها أساس علمي أو منطق ديني صرف. وإنما هي تقترب من منطق المراهق الذي يحاول إثبات هويته؛ تارة من جهة المذهب وأخرى من جهة القبيلة والنسب وغيرها من ناحية الأحقية في الأمر!
لعله مثلاً وليس حصراً هو ما تجلى في الحلاليات والتيميّات (نسبة إلى العلامة ابن المطهر الحلي المعروف بالعلامة الحلي 648 هـ والمتوفى في 726 هـ ، ومعاصره شيخ الإسلام أحمد عبدالحيلم أبن تيمية 661 هـ والمتوفى في 728هـ). وخلف من بعدهم خلف تبعوهم بإحسان وإخلاص متناهي الحرص والدقة!! وبدأت حلقات من السجال القائم على هكذا مفردات. كان هناك منهاج الكرامة وهنا منهاج أهل السنة. وسار الفريقان، وكل لم يوفر مفردات قائمة على محاصرة الآخر وحشره في زوايا الانحطاط الديني والمذهبي. وأول الحرب الكلام. لذا، كان استخدام العنف الكلامي ضد اتباع المذهب الآخر والتحريض الذي بلغ حد الاستباحة!!
لا نجد في أقوال الفقهاء والعلماء أتباع المذاهب الأربعة (الشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي) وبالضرورة لدى الإمام جعفر الصادق (ع) – من يُسقط حق الحسين وكرامته في استشهاده. ولا نجد أيضاً لدى الأئمة الاثنى عشر المعتبرين لدى الشيعة من يحط من قدر كبار الصحابة. أما من جاء بعدهم، فقد تأثر بالظروف السياسية والاجتماعية. فكان السب والقذف وتشويه صورة الآخر المختلف مذهبياً. ومن يتبع السلف الصالح لهذه الأمة (سلف السنة أو الشيعة) يجدر به التوقف عند تلك الحقيقة؟!!
من هنا، فإن الفتنة بين السنة والشيعة لم يؤسس لها – كما يذهب الكثير من الباحثين- إلى الخلافات بين الصحابة، بل ما كان بينهم استوعبته صدورهم، وأحياناً سيوفهم وحرابهم! إلا أن من جاء بعدهم كانت نوازعهم السياسية أو المصلحية الخاصة هي التي ضيقت واسعاً وعمّقت الهوة بين الطرفين، والتي أصلها عدم أو اختراع لتوظيف سياسي أو مصالح فئوية خاصة. ضيقوا من أجلها المعاني السمحاء للإسلام، وابتدعوا فيها ما لا يقبله المنطق أو العقل أو الأخلاق الإسلامية. والغريب أن ذلك كله جرى باسم الإسلام الصحيح والإسلام المحمدي…إلخ.
ولمقاربة كل ذلك، فإن اطلاعا سطحيا، وليس معمّقا على أحوال البشر في هذا العالم، يُستشف منه مرامي الفريقين في الطأفنة والتوظيف السياسي للأحداث. فكلما خبتت نار الفتنة أوقدها المستفيدون من توتير الأجواء، وكلما أراد البعض استخدامًا سياسيًا للدين كان لهم ذلك. وليس ذلك حصراً على الدول والسلطات السياسية فقط، بل على صعيد المجتمعات السياسية والقوى الدينية. ولعل القوى الإسلامية في البحرين (السنة والشيعة) فيه من الدلالة على ذلك، وخير مثال نسوقه للسنة والشيعة في البحرين.
5تعليقات
Comments feed for this article
21 ديسمبر 2010 في 07:25
فتاة الأمل
وقعت على مدونتك بالصدفة وهذا المقال صدفة ربما لأن هيفاء وهبي أثارت استغرابي!!!
اشكالية الشيعة والسنة التي بالفعل أصبحت شأنا عربيا أكثر منه شأنا بحرينيا ..للأسف .. الذي وتر الصراع أكثر منبع الشيعة ايران فحركات التشييع والقلاقل في بعض بلدان شبه الجزيرة ..جعلت الهوة أكبر وأكبر وبصراحة أرى أن الصراع تحول من ديني الى سياسي وأخشى ما أخشاه أن يتحول الى عسكري ..
سعيدة بالمرور من هنا:)
إعجابإعجاب
23 ديسمبر 2010 في 19:00
عفاف
ما الهدف من إدراج الصور….؟
إعجابإعجاب
28 ديسمبر 2010 في 08:19
Mohammed AlOthman
فتاة الأمل، أنا سعيد أكثر بأثرك الذي تركتيه هنا.
إعجابإعجاب
28 ديسمبر 2010 في 08:22
Mohammed AlOthman
عفاف، ألا يتحدث هؤلاء المشايخ عن الفتن ويشيرون إلى فتنة المرأة، وعلى الأخص في القنوات الفضائية، وأثر ذلك على الشباب؟!
أيهما أشد فتنة على مجتمعاتنا العربية: ظهور نانسي أو هيفاء على الفضائيات أو ظهور هؤلاء المشايخ؟!!!
إعجابإعجاب
23 أكتوبر 2015 في 20:49
Mohammed AlOthman
قام بإعادة تدوين هذه على محمد العثمان وأضاف التعليق:
#عاشوراء الفتنة والتوظيف السياسي
#البحرين #Bahrain
إعجابإعجاب