كل جائزة والصحافيون بخير!

لا يختلف القطاع الصحافي عن بقية القطاعات في المجتمع، في سلبيته وتخاذله في وضع أطر تتوافق مع المواثيق الدولية في عالم الصحافة وحرية الرأي والضمير.
وعلى الرغم من وجود قانون الصحافة لدى مجلس النواب منذ ثمانية أعوام، إلا أن المساحة التي منحتها الصحف لمناقشة القانون والضغط باتجاه إخراجه إلى العلن لم تكن موفقة، أو هي مساحة تكبر في يوم الحدث وتتلاشى شيئاً فشيئاً بعد ذلك، حتى ينسى القضية الصحافيون والناس والنواب وغيرهم من معنيين بقانون الصحافة!
هذه السلبية يتحمل الجزء الأكبر منها رؤساء التحرير أنفسهم. لذا يشير البعض إلى أن رؤساء التحرير لا يرغبون في الضغط على الكتل النيابية لإقرار القانون! بل ويجد آخرون التعاطي المتهاون مع مناقشة وإقرار القانون بأنه تنازل من الصحف عن حماية الكيانية الصحافية، والمفترض أن يكون لها ثقلها في المجتمع النخبوي وفي محيط العاملين بالكيانات والجمعيات الأخرى.
ولعل ملاحظة أخرى قدمها لي أحد الصحافيين المخضرمين وهي أن المجتمع الصحافي في البحرين “دلوع” لآخر حد. ويشير إلى أن ذلك ملاحظا في أكثر من مظهر من مظاهر المهنة. “دلوع” لأنه لا يطالب بحقوقه، ويريدها أن تأتي على طبق من ذهب دونما جسارة ومخاطرة بعض الشيء. “دلوع” لأنه لا يجأر بالشكوى إلا بين الحيطان وأمام من لا يملك الحل والعقد. “دلوع” لأنه مستاء من حصول أحد الكتاب الصحافيين دونما عمل شيء على أرض الواقع. ولعل أقل ما يمكن عمله هو الاعتراض الصحافي الواسع من قبل الصحف البحرينية، وتسجيل موقف في بيان مكتوب يتم فيه الإعلان عن الرفض والاعتراض، والمطالبة بالإفصاح عن الأسباب الحقيقية لاختيار هذا الكاتب دون غيره من كتاب وصحافيين لهم قصب السبق في عالم الصحافة، ومعترف بانجازاتهم على مستوى الوطن العربي، بل والعالم أجمع. الإعلان عن موقف ثم تدشين الاعتراض وغيرها من خطوات كفلها الدستور والقانون، ولكن لا أحد من الصحافيين قام بها، وأجزم بأن لا أحد فكر بها، ذلك أن الجسم الصحافي في البحرين يعيش حالة من الانقسام على كل شيء وأي شيء! كانت مفاجأة جائزة البحرين لحرية الصحافة من العيار الثقيل الذي أدمى قلوب الصحافيين البحرينيين. وكانت مناسبة أيضاً لإعلان الصحافيين عن وحدة موقف واجتماع كلمتهم على رفض اختيار الفائز. إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وكل ما تم أن البعض، ومن ضمنهم كاتب السطور، أعلنوا مواقفهم بصورة منفردة في مقالاتهم وكتاباتهم! في حين كان المطلوب تجاوز الانقسامات والشرذمة الحاصلة والخروج بموقف واحد، لكي لا يتكرر الحدث في شؤون أخرى تتعلق بالصحافة والصحافيين. الصحافيون في مقدمة الركب في المجتمع، وإذا لم يقدموا الأنموذج والمثال الجدير بالاحتذاء فمن يقدم هذا النموذج؟! مجتمع لا تنهض فيه الصحافة بواجباتها ومهامها وتحافظ على مبادئها وقيمها، مجتمع لن يرتقي سلم المجد، ولن يحصد ثمار الرقي والتقدم والتطور السياسي والحقوقي. وكل جائزة والجميع بخير.

محمد العثمان
جريدة البلاد 26 مــــــــــــــايو 2010